تساعد الإدارة الفعالة للوقت الباحث على تحسين الإنتاجية في كتابة أوراقه الخاصة
لا يستغرق الأمر وقتًا طويلاً لكتابة بحث، ولكن كتابة بحث يوافق على نشره محرر مجلة علمية محكمة يستغرق وقتًا طويلاً. ترفض المجلات ببساطة الورقة التي تم كتابتها على عجل. السبب الأكثر شيوعًا الذي يقدمه الباحثون لعدم نشر أعمالهم كأوراق في المجلات هو ضيق الوقت، وفقًا لدراسات علمية متعددة. في ظل جدولك المزدحم المحتوي على مهام عمل وواجبات حياتية، يظل إيجاد وقت أمر ضروري لتنظيم وقتك، لكي يتسنى لك تحقيق أهدافك.
كيف أكون منتجا خلال عمل يوم شاق؟
في هذا الزمن المتسارع وخلال يوم مزدحم بالمهام، يتردد على مخيلتي سؤال كيف أصبح فرداً منتجا في خضم كل هذا؟ خلال بحثي عن أفضل الطرق التي تساعدني على الإنتاجية، وجدت أن زيادة الوعي حول كيفية إدارة الوقت بمراعاة عجلة الحياة والابتعاد عن المشتتات، والحرص على عدم التسويف. لن يتهيأ لي إلا من خلال إدارة تساعدني على الاستفادة الكاملة من يومي، و كما قال فرانز كافكا "الإنتاجية هي القدرة على القيام بأشياء لم تكن قادراً على القيام بها من قبل.".
أفضل ما قرأته في هذا المجال قام بذكره الطبيب النفسي بندر آل جلاله في كتابه ضاعف إنجازك. كيف ترتب حياتك و تحقق أهدافك. فقد ذكر في كتابه بأنه كلما زاد اهتمامك بتحسين إنتاجيتك زاد إنجازك وتعددت نجاحاتك ، و أن الإنتاجية تعتمد على عدة عوامل : الوقت، الطاقة، التركيز، البيئة، التخطيط، المشاعر، وليس إدارة الوقت فقط عكس ما يظنه الآخرون. فقد ذكر الطبيب في كتابه العوامل التي تزيد الإنتاجية للفرد و تنظم وقته، والتي تركز على عدة عوامل منها:
الوقت
من أهم العوامل معرفة الوقت وإدارته بطريقة صحيحة من خلال تحديد ساعات المهمة التي تود إنجازها على حسب نوعية المهمة. إدارة الوقت تساعدنا بان نصنع جدول زمني منظم ليومنا ضمن مواردنا المتوفرة. فقد أثبت الدراسات أن الناس يحاولون إنجاز العديد من الأشياء على الرغم من محدودية مواردهم، فلذلك إن إدارة الوقت ضمن مواردنا المتاحة من الاستراتيجيات التي تساعدنا أن نكون منتجين ونحافظ على الاستمرارية التي تحقق أهدافنا التي نسعى لها. كباحث يجب عليك حساب مهام عملك البحثي بدقة، لكي تتجنب التوقف ، لا تنسى أن بعض المهام عند البدء بإنجازها نجد أنها تحتاج منا بعض من الوقت أكثر من المعتاد، ولذلك يفضل جدولة الوقت حسب صعوبة المشروع، فمثلاً كتابة المراجعة الأدبية و قسم المناقشة للورقة العلمية أصعب بكثير من كتابة الأجزاء المتبقية.
ماهو دافعك لكي تكون أكثر إنتاجا
وجود الدافع (المحفز) في توفير مزيد من الوقت الذي يحقق لك أهدافك ، الباحث فرد كسائر الأفراد يريد أن يكون له القدر الكافي من الوقت الذي يسمح له عمل ما يريد عمله من الأبحاث بجودة عالية ، وإنجاز المهام اليومية التي يريد إنجازها. ولكي تبقى متحفزاً لابد أن تعرف ماهو دافعك الحقيقي من زيادة الإنتاجية من خلال صنع رؤية و أهداف خاصة بك تبقيك متحفزاً لتحقيقها .
أهمية الاستراحة
لكي تشحن طاقتك وتجدد همتك لابد من إعطاء النفس قسط من الراحة والتوقف عن العمل كلما تسنت لك الفرصة، الاستراحة تكون على شكل فترات قصيرة إلى طويلة فهي تتراوح من خمس دقائق لكل ٢٠-٣٠ دقيقة لكل وقت عمل تقضيه، وقد تكون طويلة تمتد إلى ساعات أو أيام أو أسابيع أوحتى أشهر. أخذ قسط من الراحة تكسب عقلك وجسمك الراحة والتعافي.
العمل بتركيز وانتباه
لابد أن تحرص على العمل بتركيز ويقظة ، وليس ذلك فحسب بل تركز انتباهك للمهام التي تستحق منك الأولوية للبدء بها. مهارة التركيز من المهارات التي لم تكن تتقنه فلابد لك من التدرب عليها حتى تجيدها وتحسن استعمالها. والكثير من الخبراء شجعوا على الكثير من الطرق التي تساعد الفرد على التركيز والحفاظ عليه من التشتت. مثل إيقاف اشعار التنبيهات ، و ممارسة ألية العمل العميق وهو الوقت الذي (يحتاج لتركيز أكثر من قبلنا)، وهذا عنوان موضوع مقالتنا القادمة.
معرفة وقت إنتاجيتك المناسب
اكتشف وقتك المناسب للعمل و استخدمه بحكمة، ما هو الوقت الذي تكون فيه طاقتي عالية- أو الوقت التي يكون فيه طاقتي منخفضة. اعرف نفسك جيداً ، متى تصبح أكثر إبداعاً وأكثر إنتاجية ؟ . بعض مسميات الوقت والتي ترجع إلى مستوى الطاقة التي نحتاجها لإنهاء هذا المشروع ، إن إنجاز المشروع يعتمد على طاقتنا فمثلا ( مهام تحتاج لطاقة عالية ، مهام تحتاج لطاقة منخفضة ، وهكذا . نصيحتي لك ، عليك بمراقبة وتتبع الأوقات التي تحقق فيها الإنجاز و الأوقات التي لا تنجز بها شي ، ومن ثم ركز على الأوقات التي لا تستطيع الإنجاز بها، وابحث عن الأسباب و قم بإيجاد حلول لها. عليك البدء بذلك من خلال جدول مراقبة المتابعة المرفق، الذي يساعدك على تتبع وقتك.
أوجد لك قدوة
يذكر الطبيب آل جلالة في كتابه ضاعف إنجازك ، بأن إيجاد رفيق قدوة لنا في الإنتاجية يساعدنا على الحماس والإنتاجية أكثر ، وحتى إن لم يتوفر لنا ذلك فيمكن استخدام وسائل الاتصال الاجتماعي للمساعدة ومتابعة قدوة يعزز من همتنا ويلهمنا.
اجعل الإنتاجية عادة لك
تذكر ما تعمل عليه خلال يومك من أعمال صغيرة هي حصيلة ما تنتجه، ممارسة الإنتاجية تبدأ من عادات صغيرة يومية تبدأ كروتين لديك ومن ثم تنشأ لكي تصبح عادة فقط ما عليك هو الاستمرار بمزاولتها كل يوم وعدم الانقطاع لو فترة. يوصي كاتب كتاب العادات الصغيرة تتميز العادة الصغيرة بأنها أصغر من أن تفشل وتساعدك بالاستمرار عليها بسهولة. وتشير الأبحاث لكي نستمر بالحفاظ على كسب عادات فلنبتعد عن الانقطاع حتى لو توجب علينا مزاولة العادة بمدة أقل عن المعتاد، لأن انقطاع العادة يصعب الرجوع لمزاولتها مرة اخرى .
اجعل لك قائمة مهام
دون ما تريد من مهام يومية لكي تستطيع تذكرها وإنجازها بسرعة، فهذا يقلل عليك احتمالية تسويفها في المستقبل ويجنبك التشتت. ولكن تأكد بأن بعض المهام يمكنك حذفها والاستغناء عنها ، لذلك قم بمراجعة دورية لأجندة مهامك باستمرار لتحديد ما هي تلك المهام التي تستحق منك الأولوية. بعض البرامج الإلكترونية توفر لك بعض الأدوات المساعدة التي تسهل عليك الوصول إلى قائمة مهامك من أي مكان و أي وقت، فلا تبخل على نفسك باستخدامها. ما عليك إلا تجربة ما ترى استخدامه سهل عليك واجعله مرجع لك عند تفقد مهامك اليومية ، أنا شخصيا استعين في وضع أهدافي ومشاريعي ببرنامج notion و todoist للتذكير بمهامي اليومية , وقمت بإضافته على ساعتي الذكية ليسهل لي الوصول إليه و بذلك أستطيع مراقبة إنجازي.
اهتم بصحتك
الاهتمام بصحتك العامة يساعدك على إنتاج الطاقة التي تساهم في رفع إنتاجيتك ، أثبتت البحوث وجود علاقة بين الصحة الجسمانية و الاهتمام بالصحة النفسية وزيادة الإنتاجية. ومن الممارسات الصحية التي تساعدك على الحفاظ على مستوى جيد من الإنتاجية هو تناول الطعام الصحي المحتوي على العناصر الغذائية كالفواكه والخضراوات والامتناع عن أكل الأطعمة المعلبة والسريعة والمحتوية على الكثير من السكر والدهون والسعرات الحرارية العالية، وشرب الكثير من الماء ، ممارسة التمارين الرياضية و أخذ قسط كافي من النوم(٧-٨ ساعات) يومياً. بالإضافة دوماً يشدد على أهمية الاهتمام بالصحة النفسية فعندما نحس بالحزن أو القلق قد تتأثر مستوى الإنتاجية لدينا فاحرص على تعلم مهارة المرونة النفسية والسيطرة على الضغوط.
الاستفادة من الوقت الضائع
الاستفادة من الوقت الضائع المتوفر لنا، بعض المهام لا تحتاج منا التركيز المطلق ولكن تعتبر مهمة لابد من إنجازها ، فمثلا يمكن الاستفادة من وقت انتظار أو ركوب المواصلات العامة وغيرها في إنجاز تلك المهام . استفد من الوقت الضائع كلما سنحت لك الفرصة في مكان عملك أو جامعتك ، اذهب لمكان هادى يساعدك على إنجاز مهمتك البحثية التي تود الانتهاء منها وبذلك تكون أكثر إنتاجية.
التنظيم وصنع جدول مرن
من أفضل العادات التي يجب عليك اكتسابها لمزيد من الإنتاجية هو التنظيم ، التنظيم لجميع جوانب حياتك ، ابتداء من تنظيم المكان التي تعمل به وهو مكتبك إلى حتى ملفات العمل الموجودة على سطح الحاسب الخاص بك . يساهم تنظيم المتعلقات الخاصة بـ أهدافك بسرعة إنجازها، من حسن فوائد التنظيم أن يتيح لك ترتيب الأفكار الخاصة بك وهذا يجعلك أكثر قابلية للإنجاز.
العمل ضمن جدول مرن، يسمح لك بالتغيير وتحديد الأولوية في مهامك ، ويعينك في حال حالت الظروف بينك وبين مهمتك، ويمكن صنع جدول مرن بالاستعانة باستراتيجيات متعددة . كإعداد جدول يومي مجدول لشهر مقدم و تضمين قائمة المهام اليومية من خلاله أو تحديد موعد نهائي لإنهاء تلك المهام ، توكيل مهامك لمن يستطيع إنجازها في حالة توفر هذي الميزة لديك ، أو استخدم بعض برامج التقنية الإلكترونية التي تساعدك على الإنتاج.
يمكن أن تنجح استراتيجيات إدارة الوقت، مثل الجدول الزمني، عندما نحتاج إلى إنجاز الأشياء، ولكنها تكون أقل فائدة عندما نحاول الاستمتاع. بالإضافة إلى ذلك، يوضح العلماء استراتيجية تحديد المواعيد النهائية بأنها يمكن أن تساعد في تعظيم النشاط مما يعني أننا نستطيع عمل أكبر عدد من الأنشطة وصنع نتائج عظيمة. فتلك الاستراتيجية تجعل كل نشاط محسوب، وذا قيمة ويحقق النتيجة المرجوة.
كن حقيقاً واقعيا عند وضع أهدافك
كن واقعياً و رحيم بنفسك بعض المهام والأهداف تحتاج منا لوقت أطول قد يمتد من أيام الى أسابيع وشهور و حتى سنوات ، إن لم يكن لديك الخبرة الكافية بوضع أهداف قابلة للتحقيق ضمن مدة زمنية تقريبية. اسأل أهل أصحاب الخبرة من قد مروا بنفس أداء المهمة التي تود إنجازها عن الطرق و المدة الزمنية لإنهاء تلك المهام. ولعل تقسيم المهمة الى مهام صغيرة يسهل عليك الإنجاز أسرع ، و وضع وقت لإعادة تقييم هذا الإنجاز لتحديد المعرقلات التي تمنعك من تحقيق أهدافك ومحاولة إيجاد طريقة لحلها . من أهم الأسباب التي تمنعك من تحقيق أهدافك هو عدم التوقف لأخذ وقت لتقييم سير عمل أهدافك ووضع وقت محدد في تقويمك السنوي للقيام بالمراجعة والتقييم، وقد يكون لكل أسبوع أو ثلاث شهور أو ما تجده مناسبا لك.
الانضباط
تكمن أهمية الانضباط بأنها تدعمك في حالة عدم وجود حافز ، فتعلم الانضباط يساعدك على تحقيق مهمتك حتى وان لم تجد الرغبة في إتمامها. تذكر أن عليك عدم الاستسلام في حالة لم تنجح خطأك أو واجهتك بعض مشاعر الإحباط أو لم تستطيع الإنجاز تعامل معها جيدا ، وأخبر نفسك بأن كل ما يحبطك سيصبح ذكرى عندما تستمتع بلذة الوصول، وأن كل مهمة لن تسير كما هو مخطط لها دوماً وعليك تفهم هذا ومعرفة آن هذه الحياة و أن عدم تحقيق ما خططت له هو أمر مقبول وطبيعي و واقعي . تعلم قول لا للآخرين ونعم لنفسك ، عندما يطلب منك أن تقول نعم فكر جيدا في المهمة في حال وددت عملها، هل الأمر يعيق تقدمي في تحقيق مهامي ،دوما قم بتحليل خيارك لقول نعم .
الخاتمة
الإنتاجية تعتمد على عدة عوامل تتداخل مع بعضها البعض و نحن كأفراد لابد مراعاة ذلك . ولقد ذكرنا بهذي المقالة بعض أهم العوامل التي يمكن أن تساعدنا على أن نكون أكثر إنتاجية ، و قد يتعلم أي شخص كيف يكون أكثر إنتاجية من خلال التركيز على تنفيذ واحدة أو اثنتين من هذه التوصيات في وقت واحد ، مما يساعدنا على تحقيق أهدافنا المهنية والشخصية.
المراجع:
1. كتاب ضاعف إنجازك. بندر آل جلالة.
2. Activity versus Outcome Maximization in Time Management by Selin A Malkoc1 and Gabriela N Tonietto.
3. Tiny Habits: The Small Changes That Change Everything . By B. J. Fogg.
4. Habits as barriers to changing behaviour by Christian A. Klöckner & Sunita Prugsamatz.
5. Physical Activity in the Workplac Prepared by The Institute for Health and Productivity Studies, Johns Hopkins Bloomberg School of Public Healt.
6. Mental well-being at the workplace by T. Rajgopal
Comments