تُعرف البحوث الصحية، التي يُشار إليها أحياناً باسم "البحوث الطبية" أو "البحوث السريرية"، أو "البحوث الوصفية "التي تهدف إلى توسيع فهمنا لصحة الإنسان.(1)
مصدر الصورة /unsplash
تكمن أهمية البحوث الصحية في تعلقها بصحة الفرد، حيث تنهض البلاد بصحة ونجاح أبنائها، فالحالة الصحية الجيدة للمواطنين من أهم مؤشرات ازدهار البلدان وتقدمها. ولكي تحافظ الحكومات على صحة مواطنيها لابد أن تولي رعاية واهتمام للنظام الصحي الوطني، ومن أهم ركائز تطوير النظام الصحي الوطني دعم المقومات التي تُمَّكن من تحسين النظام الصحي أو تقليل التكلفة. ويُعد البحث والتطوير في المجال الصحي من أكثر العوامل / الممكنات التي أثبتت فعاليتها في الارتقاء بصحة الشعوب على مر العصور. فجميع الاكتشافات التي غيرت صحتنا الآن للأفضل، تمت من خلال البحوث الصحية.
تهدف البحوث الصحية إلى توفير معلومات جوهرية عن اتجاهات الأمراض وعوامل الخطورة، ونتائج العلاجات والتدخلات، وإجراءات الصحة العامة، والمهارات الوظيفية، وأنماط وتكاليف الرعاية الصحية والاستفادة منها. وقد أسفرت البحوث الصحية عن اكتشافات عظيمة الأثر ومنتجات / مستحضرات علاجية ووقائية جديدة مثل لقاحات كوفيد (COVID-19 vaccines)، بالإضافة إلى التحسن الكبير في الرعاية الصحية والصحة العامة. وقد قَيَّم الاقتصاديون عالياً مردود مخرجات البحوث الصحية في تحسين نوعية الحياة وزيادة متوسط العمر المتوقع للإنسان، لما له من أثر بالغ في تعظيم إنتاجية المجتمعات والنهوض باقتصاديات البلدان.(2)
ماهي أنواع البحوث الصحية؟
البحوث الصحية تندرج منها ثلاثة مجالات رئيسة وهي البحوث الأساسية (التجريبية) والسريرية والوبائية. وأيضا يمكن تصنيف الدراسات السريرية والوبائية على أنها إما تداخلية أو غير تداخلية. (3) وتساعد معرفة الباحث بجميع هذه الأنواع على الإلمام الكامل بإجراء البحوث. وبالتالي يستطيع تعريف نوع الدراسة وتحديد الغرض من تنفيذها، وتصنيف قوة دلالة نتائجها للاستشهاد بها في القضايا / المسائل الصحية ذات الصلة بالحياة اليومية حيث أن الاستشهاد بمخرجات البحوث يعتمد على نوع الدراسة البحثية ،وطبقاً لتصنيف الهرم الطبي المستند على البراهين : أهم أنواع البحوث التي تمدنا بأقوى الأدلة الطبية من النتائج البحثية هي التحليلات التلوية والمراجعات المنهجية وتندرج تحت فئة / مجموعة البحوث السريرية. (4)
ماهي التحديات التي تواجه الباحثين عند إجراء البحوث الصحية؟
يواجه الباحثون عند إجراء بحوثهم صعوبات وتحديات تعرقل مسيرتهم البحثية، وتكمن تلك الصعوبات في عدم وجود إرشاد وتوجيه للباحث، وعدم توفر الدعم المالي والحوافز، وقلة الاهتمام بالبحث العلمي، وضعف البيئة التحتية للبحوث. وقد أوضحت دراسة سعودية في منطقة عسير أن التحديات والصعوبات التي يواجهها طلاب البورد السعودي في مجال البحوث يمكن تجاوزها بتوجيه الطلاب عند إجراء بحوثهم وتشجيعهم من خلال الحوافز ، وأيضاً مشاركتهم في اللجان البحثية.(5) علاوة على ذلك، فقد ورد بكتاب بناء وتقييم القدرات البحثية في أنظمة الرعاية الصحية أن من أهم التحديات في البيئة البحثية ضعف القدرات البحثية ، وقد عرض المؤلفون إطار عمل لتقييم بناء القدرات البحثية في مجال الرعاية الصحية، ويستند هذا الإطار على أربعة محاور رئيسة وهي الفرد والفريق والمؤسسة وشبكات التواصل. (6)وتتضمن أبعاد هذا الإطار التالي: ١. بناء المهارات والثقة من خلال التدريب المستمر والتوجيه والإشراف وتبادل المهارات والخبرات، وكذلك توفير الفرص لتطبيق المهارات المكتسبة. ٢. التأكد من أن البحث قريب من الممارسة ومفيد في تطبيقاته وذات صلة بالواقع. ٣. تطوير الشراكات والتعاونات: لتعزيز رأس المال الفكري والاجتماعي لتسهيل تبادل مهارات البحث والمعرفة والخبرة. 4. دعم النشر المناسب: يركز على أهمية النشر لتعزيز الأثر الاجتماعي للبحث، والتأكد من فعاليته في الممارسة. 5. تضمين عناصر الاستمرارية والاستدامة: من خلال إنشاء بنية بحثية أساسية لدعم قدرات الأفراد، وتوفير الفرص لتطبيق وتوسيع المعارف والمهارات المكتسبة في الممارسة. 6. القيام باستثمارات في البنية التحتية لتعزيز بناء القدرات البحثية: من خلال تهيئة البنية التحتية لتكون مناسبة لدعم المشاركة في البحوث ومبادرات بناء القدرات ذات الصلة. ويُعد من أهم التحديات غياب التشريعات والهيئات التنظيمية الوطنية الداعمة للأبحاث. وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى جهود المملكة العربية السعودية، حيث يشهد المجال البحثي حراكاً جميلاً ، فقد أولت الحكومة السعودية أهمية قصوى للبحوث الصحية تمثلت في إنشاء المعهد الوطني لأبحاث الصحة لتعزيز الوقاية ضد المخاطر الصحية ، وكذلك هيئة تنمية البحث والتطوير والابتكار لدعم وتشجيع قطاع البحث والتطوير والابتكار، وتنسيق أنشطة المؤسسات ومراكز البحوث العلمية، واقتراح السياسات والتشريعات والتنظيمات، وتقديم التمويل اللازم. وفي عام ٢٠٢٢ أقرت الحكومة السعودية استحداث بند "البحث العلمي"، ضمن ميزانية وزارة التعليم؛ مما سيساعد بالتأكيد في دعم البحوث والباحثين في المجال الصحي.
الخاتمة.
تشكل البحوث الصحية مفتاحاً لحل الكثير من المشاكل الصحية للمجتمع، فهي تساعد الفرد على الحياة بصحة وإنتاجية جيدة. فلقد أثبتت البحوث أهميتها القصوى خلال تفشي وباء كورنا الذي اجتاح العالم بأسره، ونؤكد على ضرورة إجرائها بكفاءة وشمولية ومساواة طبقاً للمعايير العلمية المتعارف عليها في الأوساط البحثية.
المراجع:
2. Institute of Medicine (US) Committee on Health Research and the Privacy of Health Information: The HIPAA Privacy Rule; Nass SJ, Levit LA, Gostin LO, editors. Beyond the HIPAA Privacy Rule: Enhancing Privacy, Improving Health Through Research. Washington (DC): National Academies Press (US); 2009. 3, The Value, Importance, and Oversight of Health Research. Available from: https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK9571//
3. Röhrig, B., du Prel, J. B., Wachtlin, D., & Blettner, M. (2009). Types of study in medical research: part 3 of a series on evaluation of scientific publications. Deutsches Arzteblatt international, 106(15), 262–268. https://doi.org/10.3238/arztebl.2009.0262
4. Rosner A. L. (2012). Evidence-based medicine: revisiting the pyramid of priorities. Journal of bodywork and movement therapies, 16(1), 42–49. https://doi.org/10.1016/j.jbmt.2011.05.003
5. Alhefzi, A. A., Alsaleem, S. A., Al Humayed, R. S., Al Khathami, M., Ali Alwalan, A. A., Saaed Al Mufarrih, W. S., Mohammed Alqarni, M. A., Khalawy Mokali, B. M., & Maghram Assiri, B. M. (2021). Challenges and difficulties in research facing by Saudi board postgraduate residents in Aseer region. Journal of family medicine and primary care, 10(3), 1485–1488. https://doi.org/10.4103/jfmpc.jfmpc_1721_20
6. Nancy Edwards DK and EK. Building and Evaluating Research Capacity in Healthcare Systems Case Studies and Innovative Models [Internet]. Nancy Edwards DK and EK, editor. Cape Town, South Africa: UCT Press an imprint of Juta and Company (Pty) Ltd; 2016. 19–22 p. Available from: https://journals.lww.com/jfmpc/Fulltext/2021/10030/Challenges_and_difficulties_in_research_facing_by.67.aspx
Comments